- 4916095470403+
- board@dadd-initiative.org
من أين يأتي الأوكسجين
مبادرة ض – قصص مؤلفة

- التصنيف: خيال
- عدد التحميلات : 50
- نوع الملف: PDF
- تأليف: علا الخليل
وصف القصة
“رحلة حول الطبيعة: استكشاف قصة من أين يأتي الأكسجين؟“
الوصف:
تمدنا الطبيعة بالكثير من العوامل التي تثير فضول الكثيرين حولنا، ولكن تساؤلنا اليوم عن الأكسجين. دعونا نتعرف عليه ومن أين يأتي.
المقدمة:
الأُكسجينُ نعمةٌ مَنَّ اللهُ بِها عَلَيْنا لِتقومَ الحَياةُ على الأرضِ، فَعلَيْنا حَقُّ حمايَةِ مَصانعِ الأُكسجينِ فيها مِنَ الأشجارِ وَالنَّباتاتِ الخَضراءِ على البرِّ وَالمُعَلَّقاتِ النباتيَّةِ في المحيطات؛ فَهِيَ مَنْ تَمنَحُ كوكبَ الأرضِ الأُكسجينَ عِندَما تصنعُ غِذاءَها بِعمليَّةِ التَّمثيلِ الضَّوئِيِّ، وَهِيَ بِحَقٍّ رِئَةُ الأرضِ!
نبذة عن القصة:
تتناول قصة “من أين يأتي الأكسجين؟” أهمية الأكسجين وكيفية الحفاظ على إنتاجه عن طريق الحفاظ على الطبيعة.
القصة
كُنّا نَركَبُ الحافِلةَ أنا وَأخي ذَهاباً إلى النّادي،
عِندَما قالَ أخي وَهُوَ يَستعجِلُ لِينزلَ: الزِّحامُ شديدٌ.

وَكادَ الأُكسجينُ ينفدُ مِنَ الحافلةِ.
أُكسجينُ؟! ما هذا الأُكسجينُ؟ وَمِنْ أينَ يَأتي؟

سَألْتُ خالَتي فَهيمةً عَنْهُ، فَقالَتْ لي وَهِيَ تَرفَعُ نَظّارَتَها السّميكَةَ عَنْ عَينَيْها: لا يُمكنُ لِأيِّ كائنٍ عَلى الأرضِ أنْ يَحيا بِلا أُكسجينَ. وَعادتْ مُجَدَّداً لِتَلتَهِمَ الحُروفَ في كِتابِها الثَّمينِ.
في ذلكَ اليَومِ قَرَّرْتُ أنْ أبحَثَ عَنِ المَكانِ الَّذي يَأتي مِنْهُ، فَلَرُبَّما لَهُ مَصنَعٌ مُتَخَفٍّ بَينَ الغُيومِ لا يُمكِنُنا رؤيَتَهُ، أو رُبَّما يَحدُثُ في أيّامِ الشِّتاءِ البارِدِ أنْ يَتَزَحلَقَ الأكسجينُ إلى الأرضِ مَعَ قَوسِ قُزَحٍ مِنَ السَّماءِ، عِندَما تَتَخَلَّلُ أشِعَّةُ الشَّمسِ حَبّاتِ المَطَرِ المُعَلَّقَةِ في الهَواءِ.

أخبَرْتُ صَديقي سَعيداً بِهذا، وَطَلَبْتُ مِنهُ أنْ يأتيَ مَعي لنَبحثَ عنِ المَكانِ الَّذي يُصنَعُ فيهِ الأُكسجينُ، لكنَّهُ ضحكَ وَضحكَ طَويلاً ثُمَّ قالَ لي: طالما أنَّنا لا نستطيعُ رؤيةَ الأُكسجينَ ولا يُمكنُنا شَمُّ رائحتِهِ أوِ الإمساكُ بِهِ، فَلِماذا سَنُشغِلُ أنفُسَنا بمَعرِفَتِهِ وَمَعرِفَةِ المكانِ الَّذي يَأتي مِنْهُ؟ لَوَّحَ بِيَدِهِ وانصَرَفَ مُبتَعِداً.
أمّا أنا فَقرَّرْتُ أنْ أبحثَ بنَفسي عَنْهُ، وَضَعْتُ دفترَ مُلاحظاتي الصَّغيرِ مَعَ القلمِ في جَيبي،
وَأنا أُنادي دودو ليُرافقَني فَنبحَ وَهزَّ ذَنَبَهُ سَعيداً، فَدودو يُحِبُّ النُّزهاتِ كثيراً.

في الطَّريقِ رأَيْنا عمّي مُفيداً، آتٍ مِنْ بعيدٍ، يَقودُ شاحِنَتَه القديمةَ وَكأنَّها لا تعرفُ الهزيمةَ، وَهُنالِكَ غيمةٌ رماديَّةٌ فوقَهُ معلَّقةٌ، فَهلْ تَكونُ سحابةً مِنَ الأُكسجينِ؟ يا تُرى مِنْ أينَ أتى عَمّي بِها؟ هَلِ ابتاعَها مِنْ متجرِ الشِّتاءِ أوِ اصطادَها بِصِنّارتِهِ السِّحريَّةِ في المساءِ؟ نبحَ دودو بِسعادةٍ وَأنا أقولُ هذا، أمّا عمّي مُفيدٌ فَلَقَدْ لَوَّح لَنا بِيَدَيهِ وَمضى مـُستَعجِلاً مَعَ غَيمتِه الرَّماديَّةِ،
الَّتي ظَلَّتْ فَوقَ شاحِنَتِه مُعلَّقَةً وَلكنَّها تَكاثَرَتْ فَوقَ رُؤوسِنا حَتّى أصابَتْنا نَوبةٌ مِنَ السُّعالِ العَنيفِ.
جَرَيْنا أنا وَدودو بِأقصى ما يُمكنُنا مِنْ سُرعةٍ بَعيداً عَنِ الطَّريقِ وَشاحنةِ عمّي، ثُمَّ سَجَّلتُ عَلى دَفتَري: دُخانُ احتراقِ الوَقودِ مُلوِّثٌ ومُزعِجٌ، وَبِالتَّأكيدِ لا سَيّارةَ عمّي مفيدٍ وَلا حَتّى كُلَّ السَّيّاراتِ في العالَمِ لَنْ تَصنَعَ الأُكسجينَ، هذا مُحالٌ!

طالَما أنَّ السَّيّاراتِ لا تَصنعُ الأُكسجينَ فَهَلْ يُمكِنُ لِلمتاجرِ أنْ تَبيعَهُ؟
خَطرَتْ بِبالي هذِهِ الفكرةُ وَأنا أمُرُّ بِجانِبِ بِقالةِ حميدو، فَدخلْتُها مَعَ دودو حالاً، لكنَّ الزِّحامَ كانَ داخلَها خانِقاً، وَهناكَ مَنْ أشعلَ سيجاراً فَجعلَ مِنَ الكُلِّ عَليهِ حانِقاً.

أسرَعْتُ بالخُروجِ أنا وَدودو قبلَ أنْ يسألَني العَمُّ حميدو عن حاجَتي، وَسجَّلتُ عَلى الدَّفترِ: بِالتَّأكيدِ ما قالَتْ عنْهُ خالَتي فَهيمةٌ أنَّهُ ضَروريٌّ لِحياةِ كُلِّ الكائناتِ لَنْ أجِدَهُ في البِقالات.

وَأخيراً جلَسْنا نَستريحُ قُربَ شجرةِ الصَّنوبرِ القريبةِ مِنْ حَقلِ جارِنا أبي حيّانٍ، فَتذكَّرْتُ ما قالَهُ لَنا في أحدِ المَرّاتِ مُدَرِّسُ العُلومِ عَنِ الأشجارِ وَالتَّمثيلِ الضَوئيِّ، ما الَّذي كانَ يَقصِدُهُ يا تُرى؟

قرَّرْتُ في الحالِ أنْ أبحثَ أعلى هذهِ الشَّجرةِ؛ لأرى بِعيني كيفَ يُطرَحُ الأُكسجينُ مِنْ أوراقِها وَأكوازِها لِيتناثرَ مَعَ حبّاتِ الصَّنوبرِ في الهواءِ. بَدَتِ الشَّجرةُ كبيرةً جداً، أغصانٌ تَتَشابَكُ بِكثافةٍ، وَأوراقٌ تهتزُّ لتُصدِرَ أصواتاً متناغِمةً، كَما لو أنَّها تَهمِسُ لي: تَسلَّقني يا رامي.
اغتنمْتُ الفُرصَةَ في الحالِ واعتلَيْتُ جِذعَها الضَّخمَ وَأنا أقولُ لِدودو الَّذي بدأَ ينبحُ قلِقاً: انظُرْ يا دودو! أستطيعُ أنْ أُمسِكَ الغُصنَ بِقَدَمي وَيمكنُني إفلاتُ ذراعيَّ لِيَتَأَرجَحا هكَذا.

أَعجبَتْني لُعبةُ الأُرجوحَةِ بينَ الأغصانِ، فَظلَلْتُ أقفِزُ مِنْ واحدٍ لِآخرَ دونَ أنْ أنسى أنْ أقطِفَ منْ الأوراقِ المُدَبَّبَةِ وَالأكوازِ المُكَوَّرَةِ؛ لأَبحثَ داخِلَها عَنِ الأُكسجينِ، حَتّى شَعَرْتُ بِالتَّعَبِ فَنزَلْتُ لأَجلِسَ مُستَنِداً إلى جِذعِ الشَّجرةِ وَأنا أُخَطِّطُ للجَولةِ القادمةِ. وَفجأةً أحسَسْتُ بِشَيءٍ رطبٍ يُلامسُ رأسي، نَظَرْتُ لِلأعلى وَأنا أصرُخُ دونَما خَوفٍ: مَنْ هُناكَ؟
قالَ صوتٌ حزينٌ: أنا، أنا الشَّجرةُ الَّتي تَستَنِدُ إلى جِذعِها الآنَ.
قُلتُ بِتَعَجُّبٍ: هذهِ أنتِ أيَّتُها الشَّجرةُ، وَلِماذا تَبكينَ؟
قالَتْ شجرةُ الصَّنوبرِ: أَبكي لأنَّ هناكَ مَنْ يُزعِجُ أغصاني وَأوراقي، دونَ أنْ يُقَدِّرَ أهميَّةَ وُجودي في هذا العالمِ.
ضَحِكْتُ وَأنا أقولُ لَها: وَماذا سَتفعلُ شجرةٌ لا تَستطيعُ الحِراكَ مِنْ مَكانِها لِهذا العالمِ الواسعِ؟!
ابتسمَتِ الشَّجرةُ وَهيَ تقولُ لي: كمْ تَستطيعُ حَبسَ أنفاسِكَ؟
قلْتُ: كثيراً جدًّا.
قالَتْ: جرِّبْ هيّا!
كَتمْتُ أنفاسي ثانِيَةً وَثانِيَتَينِ وَثلاثاً وَأربَعاً، لكنَّني لَمْ أستطِعْ الاستمرارَ أكثرَ وَبَدأْتُ ألهَثُ بِقُوَّةٍ.
ضَحِكَتْ وَهِيَ تقولُ لي: أنتَ لَمْ تَستطعْ حبسَ أنفاسِكَ أكثرَ مِنْ خمسِ ثوانٍ فَعلى رئتِكَ استنشاقُ الهواءِ طَلَباً للأُكسجينِ.

هَتَفتُ بِحماسٍ عِندَما سَمِعْتُ هذهِ الكَلِمةَ كَما لَوْ أنَّني وَجَدْتُ ضالَّتي: هَلْ قُلتِ أُكسجينَ؟! وَسألْتُها مُستَعجِلاً: مِنْ أينَ يَأتي الأُكسجينُ؟ أخبِريني عَنْهُ.
ابتَسَمَتِ الشَّجرةُ وَقالَتْ بهُدوءٍ: كَما لَجِسمِكَ رئتُهُ الَّتي يَستطيعُ الحُصولَ على الأُكسجينِ مِنْ خِلالِها، فَالأرضُ أيضاً لَها رئتُها وَهَيَ مَصدَرُ الأُكسجينِ فيها.
نبحَ دودو وَهُوَ يَشُدُّ بِنطالي بِفَمِهِ طالِباً مِنّي العَودةَ، وَما كانَ مِنّي إلّا أنِ انصَعْتُ لَهُ وَأنا أفَكِّرُ بِرِئَةِ الأرضِ الَّتي تمنَحُنا نِعْمةَ الأُكسجينِ وَمَنْ تَكونُ.
وَأنتُمْ يا أصدِقائي هَلْ عَرَفْتُمْ مِثلي مَنْ هِيَ رِئَةُ الأرضِ، وَمِنْ أيْنَ يَأتي الأُكسجينُ؟


الخلاصة
الأُكسجينُ نعمةٌ مَنَّ اللهُ بِها عَلَيْنا لِتقومَ الحَياةُ على الأرضِ، فَعلَيْنا حَقُّ حمايَةِ مَصانعِ الأُكسجينِ فيها مِنَ الأشجارِ وَالنَّباتاتِ الخَضراءِ على البرِّ وُالمُعَلَّقاتِ النباتيَّةِ في المحيطاتِ؛ فَهِيَ مَنْ تَمنَحُ كوكبَ الأرضِ الأُكسجينَ عِندَما تصنعُ غِذاءَها بِعمليَّةِ التَّمثيلِ الضَّوئِيِّ، وَهِيَ بِحَقٍّ رِئَةُ الأرضِ!
الكاتب: علا الخليل
حاصلة على إجازة في الهندسة المدنية، لها شغف بالكتابة، وتكتب للأطفال وتحلم معهم بعالم أجمل، وتؤمن بهم، مدركةً أن عالم الكتابة للطفل بحر واسع لا يمكن التجديف خلاله بسهولة.